روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | من آداب الجوار

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > من آداب الجوار


  من آداب الجوار
     عدد مرات المشاهدة: 2438        عدد مرات الإرسال: 0

تعلق التزكية بالجار:

وكذلك فإن مما يتعلق بالجوار من الأحكام، أن التزكية عند العلماء غير الشهادة، فالتزكية لها شروط، إذا أردت أن تزكي شخصًا، وانتبه لهؤلاء الذين يذهبون للمحكمة، يقول: احضر لنا شهودًا فيحضر مزكين، فما أسهل التساهل بقضية المزكين! يقول أهل العلم في التزكية: لابد للتزكية من أمرين زيادة على ما يشترط في الشاهد أي: من العقل والضبط والعدالة.

أحدهما: معرفة أسباب الجرح والتعديل؛ لأنه يشهد بهما.

الثاني: خبرة باطن من يعدله أو يجرحه بصحبة أو جوار أو معاملة.

القاضي الذكي الفاهم إذا جاءته قضية تزكية (والتزكية مهمة) قال: أحضر لي أناسًا من جيرانك يزكونك.

ولكن انظر الآن في المحكمة، يأتي بعض الناس في طرقات المحكمة، يقول: ماذا تريد؟ يقول: أريد مزكيًا، يقول: وأنا أريد شاهدًا، تعال أزكيك وأنت اشهد لي، سبحان الله! لا يعرفه، كيف يزكيه؟! لا يجوز، لابد أن يكون قد عايشه ورافقه وجاوره وسافر معه، وأمضى معه وقتًا طويلًا، وشاركه في مال أو في شيء، كيف يزكي شخصًا لا يعرف حقيقته؟! لا يجوز ذلك مطلقًا.

الزوجة في السكن بين جيران صالحين:

وكذلك مما ذكر أيضًا في موضوع إسكان الزوجة، قالوا: إن من شروط شرعية المسكن الزوجي أن يقع بين جيران صالحين تأمن فيه الزوجة على نفسها.

أي: لو أن الزوج أسكن زوجته وسط أناس سيئين؛ فإن لها الحق أن تذهب إلى القاضي وتقول: ما سكني السكنى الشرعية، فالسكنى الشرعية يجب أن تكون بين أناس صالحين، هذا سكني وسط أناس سيئين، أنا لا آمن على نفسي، هذا زوجي إذا ذهب إلى العمل يضربون عليَّ الباب والهاتف، وهذا يناديني من الشباك، طبعًا إذا كانوا أهل فسق وهكذا.

عظم إثم الزنا بزوجة الجار:

ولذلك كان الزنا بزوجة الجار من أعظم الكبائر عند الله، ويتفاوت إثم الزنا ويعظم جرمه بحسب موارده، فالزنا بذات المحرم أو بذات الزوج أعظم من الزنا بأجنبية أو بمن لا زوجة لها؛ لأن فيه انتهاكًا لحرمة الزوج وإفسادًا لفراشه، وتعليق نسب عليه لم يكن منه يدخل عليه ولد وليس من أولاده، سيضاف إلى نسبه، وهذا أعظم إثمًا وجرمًا من الزنا بغير ذات البعل والأجنبية، فإن كان زوجها جارًا انظم له سوء الجوار، وإيذاء الجار بأعلى أنواع الأذى، وذلك من أعظم البوائق، لو كان الجار أخًا أو قريبًا من الأقارب، وانظم إليه قطيعة الرحم فيتضاعف الإثم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه» ولا بائقة أعظم من الزنا بامرأة الجار، فإن كان الجار غائبًا في طاعة الله والعبادة وطلب العلم والحج والجهاد؛ تضاعف الإثم، حتى إن الزاني بامرأة الغازي في سبيل الله، يوقف له يوم القيامة فيأخذ من عمله ما شاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم، وما من رجل من القاعدين يخلف رجلًا من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم، إلا وقف له يوم القيامة فيأخذ من عمله ما شاء، فما ظنكم؟» أي: ما ظنكم أن يترك له من حسناته؟ يمكن يأخذها كلها، لأنه يقال: خذ ما تريد من حسناته، والناس محتاجون إلى حسنة واحدة.

أحقية الجار المحتاج بالصدقة وحقوق أخرى:

ثم إن الجار المحتاج أولى بالصدقة، نص على ذلك العلماء، كما قالوا في مسألة الصلاة في المساجد: المسجد المجاور لك أولى لحرمة الجوار، ثم قالوا في مسألة انتشار الحريق إلى بيت الجار: إذا انتقل بتفريط، مثلًا: شخص أوقد شرارة في يوم عاصف، وهو يعلم أن الريح تنقل الشرر، فاحترق بيت الجار، فإنه يضمن ذلك.

ثم من أثر الجيرة في مسألة القرض، أن الإنسان المقرض لا يجوز له أن يقبل هدية من المقترض في فترة القرض، إلا إذا جرت العادة من قبل القرض بهدايا بينهما، وذكروا مثالًا للجيران، أي: يهدونا طعامًا نهديهم طعامًا، أنا اقترضت من جاري فأهديته فيجوز أن يقبل هديتي؛ لأن بيننا علاقات سابقة في الهدايا، لكن إذا ما كانت هناك علاقات سابقة ولا جوار، فلا يجوز أن يقبل أصلًا هدية ولا أن يأخذ المقرض من المقترض هدية في وقت القرض.

هذا ما تيسر ذكره مما يتعلق بالجيران.

ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من القائمين بحقوق جيراننا، وأن يهدينا سبل السلام، ويخرجنا من الظلمات إلى النور، وصلى الله على نبينا محمد.

 

الكاتب: محمد بن صالح المنجد.

 

المصدر: سلسلة الآداب الإسلامية.